الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حرب لا يتمناها لبنان..ولا تريدها أميركا 

حرب لا يتمناها لبنان..ولا تريدها أميركا 

10.08.2021
ساطع نور الدين


المدن 
الاثنين 9/8/2021 
حرِص الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على نفي الصلة بين التوتر الاخير على الجبهة الجنوبية مع العدو الاسرائيلي، وبين مناوشات ومفاوضات إيران مع الغرب، من دون أي داعٍ، أو مبرر. فهذه الصلة ليست سراً، وليست عيباً، وهي، في سياقها الراهن، قد تخدم لبنان مثلما قد تنفع إيران، ولو بأقدار متفاوتة. 
الصراع الذي تخوضه إيران مع الغرب حول برنامجها النووي ونظامها السياسي، هو الذي منع تدهور الوضع على الجبهة اللبنانية الى حرب إسرائيلية جديدة. التدخل الاميركي كان كما يبدو حاسماً في لجم الاسرائيليين والحؤول دون دخولهم في مغامرة عسكرية وسياسية غير مضمونة النتائج، تشبه المغامرة التي تورطوا بها في معركة القدس الاخيرة، والتي لم تجلب لهم الكثير من المكاسب، برغم نتائجها الكارثية على قطاع غزة وعلى المسجد الاقصى المستباح يومياً من المستوطنين اليهود، وبشكل لم يسبق له مثيل منذ سقوط القدس تحت الاحتلال الاسرائيلي في العام 1967. 
التدخل الأميركي لضبط الجبهة اللبنانية، لم يكن يهدف فقط الى حماية المفاوضات مع إيران، بل كان أيضاً ينسجم مع أسلوب جديد لادارة الرئيس الاميركي جو بايدن، في التعامل مع إسرائيل، وسحب التفويض المطلق الذي تلقته من ادارة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، للعمل بحرية ومن دون مساءلة او محاسبة ضد إيران وحلفائها، وبما يشمل الجبهة السورية التي صارت فيها الغارات الاسرائيلية محكومة بالايقاع الاميركي. وهو ما يعني، حسب التعبير الشائع في بيروت، أن واشنطن إستردت قرار الحرب والسلم من إسرائيل. 
وعلى المنوال نفسه، سحبت إيران مثل هذا القرار من حلفائها اللبنانيين، كما العراقيين واليمنيين، الذين لم يعودوا يخفون حقيقة أن عملياتهم ضد الاميركيين في العراق أو ضد السعوديين على الجبهة اليمنية تتم بأوامر مباشرة صادرة من طهران. وهو ما لم ولن يقر به حزب الله، برغم ان الصاروخين الاولين اللذين أطلقا من الاراضي اللبنانية باتجاه أهداف إسرائيلية الاسبوع الماضي، كانا إيرانيي المصدر، مهما إختلفت ألوانهما وشعاراتهما وهويتهما الفلسطينية. وقد سقطا في منطقة مفتوحة من الشمال الفلسطيني، وإستدرجا رداً جوياً إسرائيلياً على منطقة مفتوحة من الجنوب اللبناني، ثم رداً صاروخيا من حزب الله، على منطقة مفتوحة أيضاً.. 
كانت وظيفة لبنان وصواريخه المتنوعة الاشكال والالوان أن يبلغ الاميركيين والاسرائيليين أنه إذا تم التعرض لإيران في أعقاب هجومها على الناقلة الاسرائيلية في خليج عُمان، فإن الجبهة اللبنانية ستفتح على مصراعيها. وهو أمر معروف ومحسوم منذ ان نصبت تلك الصواريخ، ولا يحتاج الى أدلة ولا الى مبررات. لكنه كان ولا يزال يوفر ل"حزب الله" هامشاً واسعاً من الحركة تفرضه مقتضيات الصراع مع إسرائيل، التي لا تحتاج طهران أصلاً الى التحكم بها، إستنادا الى تجارب أربعة عقود من العمل المشترك بين الضاحية وبين طهران، ومن الحروب والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان. 
إنتهى التوتر في الجنوب، لكن الخطر ما زال قائماً. وطالما أنه لا حرب أميركية-بريطانية -إسرائيلية على إيران، فلن تكون هناك حرب على لبنان. في الاصل قرار الحرب الاميركية على إيران لم يكن وارداً. المطروح حتى الآن، هو عمليات أمن وتجسس وتخريب داخل إيران رداً على إستهداف الناقلة الاسرائيلية، ومقتل إثنين من طاقمها أحدهم بريطاني. وكذلك قرار الحرب على لبنان، الذي لم يكن على جدول الاعمال الاميركي، ليس بدافع الحرص على لبنان واللبنانيين، وإنما بدافع الخوف من تداعيات مثل هذه الحرب على بلدٍ مدمرٍ وشعب يائس. 
بدائل الحرب في إيران وفي لبنان هي نفسها. التفاوض النووي الاميركي الايراني هو القرار الاستراتيجي المتبادل، الذي لم تتخل عنه واشنطن ولا طهران، حتى الآن على الاقل، ولن تسمحا لإسرائيل بتعطيله أو حتى بالشغب عليه. يمكن أن تتاح لإسرائيل فرصة تقديم بعض الاقتراحات والتوصيات في هذا السياق. لكن محاولاتها الدائمة لإدراج "مخاوفها الأمنية" على جدول أعمال مفاوضات جنيف، لم تفلح حتى الآن. 
قد يكون من السابق لأوانه اليوم الدخول في جدل حول ما إذا كان رفض طهران طرح نفوذها الاقليمي وصواريخها المنشورة في لبنان والعراق واليمن وسوريا، على طاولة المفاوضات، يفيد لبنان فعلاً، وكيف، والى متى؟